ترامب يوقف حرب إسرائيل وإيران- هدنة مؤقتة أم سلام دائم؟
المؤلف: طلال صالح بنان09.01.2025

خلال فترة اثني عشر يومًا عصيبة، شهدت المنطقة حربًا عن بعد بين إسرائيل وإيران، والتي انتهت بقبول الطرفين اتفاق وقف إطلاق النار. هذه الهدنة جاءت بمبادرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وذلك بعد تدخل الولايات المتحدة لدعم إسرائيل إثر غارة جوية مؤثرة. هذه الغارة استهدفت ثلاثة مواقع نووية داخل الأراضي الإيرانية، وألحقت بها أضرارًا جسيمة، وإن لم تنجح في القضاء على البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل، فقد تسببت في تأخيره بشكل ملحوظ، مما يتطلب فترة زمنية طويلة لإعادة ترميمه وإعادة المشروع إلى مساره.
على الرغم من الجدل الدائر في الولايات المتحدة حول نجاح الغارة الأمريكية، وانقسام الآراء حول مدى فعاليتها، إلا أن هناك انتقادات تشير إلى أن الضربة الجوية لم تستهدف برنامج الصواريخ الإيرانية. يعزو البعض ذلك إلى حسابات خاصة لدى واشنطن، للحفاظ على قدرتها على التأثير في قضايا السلام والحرب في المنطقة، بهدف الحفاظ على الاستقرار، حتى وإن كان هشًا. مع ذلك، ترى إدارة الرئيس ترامب أن هذا القدر من الهدوء والاستقرار كافٍ لدفع طرفي الصراع نحو البحث عن سبل لإنهاء النزاع أو على الأقل تخفيف حدة التوتر بينهما.
ومن الملاحظات الجديرة بالذكر في هذه الحرب، أن إسرائيل كانت الطرف الذي طلب المساعدة أولًا، وإن كان ذلك بصوت خافت وبشكل غير مباشر، من خلال استدعاء الدعم من واشنطن. إسرائيل، التي طالما رفضت مبدأ وقف إطلاق النار خلال حروبها السابقة في المنطقة، والتي استمرت لأكثر من ستمائة يوم، قبلت هذه المرة مبادرة الرئيس ترامب دون أي تردد! بالإضافة إلى ذلك، جاءت الضربة الأخيرة في هذه الحرب من طهران، حيث أطلقت صاروخًا باليستيًا تسبب في أضرار كبيرة بمدينة بئر السبع. تدخل الرئيس ترامب شخصيًا لمنع إسرائيل من الرد، وطلب منها إعادة ما يقرب من خمسين طائرة كانت في طريقها إلى أهدافها، خوفًا من تصعيد جديد قد يقضي على جهود مبادرته لوقف إطلاق النار، ويؤدي إلى توسيع نطاق القتال، خاصة بعد قصف إيراني "محدود" لقاعدة العديد في قطر.
يمكن القول إن مبادرة الرئيس ترامب لوقف إطلاق النار تمثل هدنة ضمنية وغير ملزمة لطرفي النزاع، وليست محاولة جادة لإنهاء الصراع والبدء في وضع خطة عملية لإحلال سلام دائم في المنطقة. ومع ذلك، لا يمكن التقليل من الأهمية الإستراتيجية لمبادرة وقف إطلاق النار الأمريكية، والتي تعزى إلى جهود الرئيس الأمريكي، على الرغم من الشكوك التي تحيط بفعاليتها في الأوساط السياسية والصحفية في واشنطن. إلا أنها أظهرت بوضوح قدرة واشنطن على الحفاظ على التوازن في المنطقة من خلال التدخل المباشر (المحدود) في الصراع، أو من خلال التحكم في سلوك الأطراف المتنازعة، سواء من خلال منع التصعيد أو الحفاظ على مستوى معين من الصراع.
إذا تمكن الرئيس ترامب من تجاوز الانتقادات التي قد توجه إليه من الكونجرس بسبب تجاوزه لسلطات السلطة التشريعية في الأمور المتعلقة بالقتال خارج الحدود، دون الحصول على إذن الكونجرس، وتجاوز الحملة الإعلامية التي تستهدف فاعلية الضربة الجوية للمفاعلات النووية الإيرانية، فإنه قد يُذكر في التاريخ كأول رئيس أمريكي يتخذ مبادرة حقيقية لوضع أسس السلام في المنطقة. وإلا، فإن الأمر لن يتعدى كونه هدنة مؤقتة وغير مستقرة، تمهد الطريق لحرب مستقبلية أكثر ضراوة في المنطقة.
في الواقع، الخاسر الأكبر في هذه الجولة الأخيرة من الصراع في المنطقة هي إسرائيل. من الناحية الإستراتيجية، فقدت إسرائيل ميزة الردع الاستراتيجي التي كانت تتمتع بها حتى السابع من أكتوبر ٢٠٢٣. لم تعد إسرائيل ذلك "الوحش المخيف" الذي يخشاه الجميع. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد إسرائيل بشكل كبير على الدعم السياسي والأمني والاقتصادي الذي تتلقاه من الغرب، وخاصة من الولايات المتحدة، لضمان أمنها.
ثانيًا، يمثل تحقيق السلام تحديًا كبيرًا أمام الدولة العبرية، ليس فقط في سعيها لإعلان نفسها قوة إقليمية كبرى تتحكم في قضايا السلام والأمن في المنطقة، بل وحتى في ضمان بقائها واستمرارها. لا يعني هذا أن إيران قد فازت في الحرب، بل يجب على طهران، بعد خوض هذه التجربة، أن تكون أكثر تواضعًا في طموحاتها الإقليمية. لقد خسرت طهران في هذه المواجهة مع إسرائيل، وفي الهزائم السابقة التي لحقت بأذرعها في المنطقة، جميع الاستثمارات التي ضختها من موارد وبشر وبنى تحتية على مدى أكثر من أربعة عقود.
السلام يظل أعقد وأكبر من أن تهزمه أي قوة إقليمية أو دولية في أرض الرسالات.
على الرغم من الجدل الدائر في الولايات المتحدة حول نجاح الغارة الأمريكية، وانقسام الآراء حول مدى فعاليتها، إلا أن هناك انتقادات تشير إلى أن الضربة الجوية لم تستهدف برنامج الصواريخ الإيرانية. يعزو البعض ذلك إلى حسابات خاصة لدى واشنطن، للحفاظ على قدرتها على التأثير في قضايا السلام والحرب في المنطقة، بهدف الحفاظ على الاستقرار، حتى وإن كان هشًا. مع ذلك، ترى إدارة الرئيس ترامب أن هذا القدر من الهدوء والاستقرار كافٍ لدفع طرفي الصراع نحو البحث عن سبل لإنهاء النزاع أو على الأقل تخفيف حدة التوتر بينهما.
ومن الملاحظات الجديرة بالذكر في هذه الحرب، أن إسرائيل كانت الطرف الذي طلب المساعدة أولًا، وإن كان ذلك بصوت خافت وبشكل غير مباشر، من خلال استدعاء الدعم من واشنطن. إسرائيل، التي طالما رفضت مبدأ وقف إطلاق النار خلال حروبها السابقة في المنطقة، والتي استمرت لأكثر من ستمائة يوم، قبلت هذه المرة مبادرة الرئيس ترامب دون أي تردد! بالإضافة إلى ذلك، جاءت الضربة الأخيرة في هذه الحرب من طهران، حيث أطلقت صاروخًا باليستيًا تسبب في أضرار كبيرة بمدينة بئر السبع. تدخل الرئيس ترامب شخصيًا لمنع إسرائيل من الرد، وطلب منها إعادة ما يقرب من خمسين طائرة كانت في طريقها إلى أهدافها، خوفًا من تصعيد جديد قد يقضي على جهود مبادرته لوقف إطلاق النار، ويؤدي إلى توسيع نطاق القتال، خاصة بعد قصف إيراني "محدود" لقاعدة العديد في قطر.
يمكن القول إن مبادرة الرئيس ترامب لوقف إطلاق النار تمثل هدنة ضمنية وغير ملزمة لطرفي النزاع، وليست محاولة جادة لإنهاء الصراع والبدء في وضع خطة عملية لإحلال سلام دائم في المنطقة. ومع ذلك، لا يمكن التقليل من الأهمية الإستراتيجية لمبادرة وقف إطلاق النار الأمريكية، والتي تعزى إلى جهود الرئيس الأمريكي، على الرغم من الشكوك التي تحيط بفعاليتها في الأوساط السياسية والصحفية في واشنطن. إلا أنها أظهرت بوضوح قدرة واشنطن على الحفاظ على التوازن في المنطقة من خلال التدخل المباشر (المحدود) في الصراع، أو من خلال التحكم في سلوك الأطراف المتنازعة، سواء من خلال منع التصعيد أو الحفاظ على مستوى معين من الصراع.
إذا تمكن الرئيس ترامب من تجاوز الانتقادات التي قد توجه إليه من الكونجرس بسبب تجاوزه لسلطات السلطة التشريعية في الأمور المتعلقة بالقتال خارج الحدود، دون الحصول على إذن الكونجرس، وتجاوز الحملة الإعلامية التي تستهدف فاعلية الضربة الجوية للمفاعلات النووية الإيرانية، فإنه قد يُذكر في التاريخ كأول رئيس أمريكي يتخذ مبادرة حقيقية لوضع أسس السلام في المنطقة. وإلا، فإن الأمر لن يتعدى كونه هدنة مؤقتة وغير مستقرة، تمهد الطريق لحرب مستقبلية أكثر ضراوة في المنطقة.
في الواقع، الخاسر الأكبر في هذه الجولة الأخيرة من الصراع في المنطقة هي إسرائيل. من الناحية الإستراتيجية، فقدت إسرائيل ميزة الردع الاستراتيجي التي كانت تتمتع بها حتى السابع من أكتوبر ٢٠٢٣. لم تعد إسرائيل ذلك "الوحش المخيف" الذي يخشاه الجميع. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد إسرائيل بشكل كبير على الدعم السياسي والأمني والاقتصادي الذي تتلقاه من الغرب، وخاصة من الولايات المتحدة، لضمان أمنها.
ثانيًا، يمثل تحقيق السلام تحديًا كبيرًا أمام الدولة العبرية، ليس فقط في سعيها لإعلان نفسها قوة إقليمية كبرى تتحكم في قضايا السلام والأمن في المنطقة، بل وحتى في ضمان بقائها واستمرارها. لا يعني هذا أن إيران قد فازت في الحرب، بل يجب على طهران، بعد خوض هذه التجربة، أن تكون أكثر تواضعًا في طموحاتها الإقليمية. لقد خسرت طهران في هذه المواجهة مع إسرائيل، وفي الهزائم السابقة التي لحقت بأذرعها في المنطقة، جميع الاستثمارات التي ضختها من موارد وبشر وبنى تحتية على مدى أكثر من أربعة عقود.
السلام يظل أعقد وأكبر من أن تهزمه أي قوة إقليمية أو دولية في أرض الرسالات.